منظمة جرين

تقرير عالمي جديد، حلول تكاملية لمواجهة الأزمات البيئية والاجتماعية والاقتصادية

يناير 22, 2025
تقرير عالمي جديد، حلول تكاملية لمواجهة الأزمات البيئية والاجتماعية والاقتصادية

في ظل تصاعد الأزمات البيئية والاجتماعية والاقتصادية، مثل فقدان التنوع البيولوجي، وانعدام الأمن المائي والغذائي، والمخاطر الصحية، وتغير المناخ، أصدرت المنصة الحكومية الدولية للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية (IPBES) تقريرًا جديدًا يُعد الأول من نوعه في تقييم الروابط المتشابكة بين هذه القضايا المعقدة.

التقرير، المعروف باسم “تقرير النكسوس”، أو Nexus Report يُعتبر أكثر التقييمات العلمية طموحًا حول التداخلات بين التنوع البيولوجي، والمياه، والغذاء، والصحة، وتغير المناخ. ويقدم أكثر من 70 خيارًا استراتيجيًا لصناع القرار لتعظيم المنافع المشتركة عبر هذه العناصر، مع التركيز على تحقيق أهداف التنمية المستدامة واتفاقية باريس للمناخ وإطار كونمينغ-مونتريال للتنوع البيولوجي.

التقرير، الذي استغرق إعداده ثلاث سنوات بمشاركة 165 خبيرًا دوليًا من 57 دولة، يشير إلى أن الإجراءات الحالية لمواجهة هذه التحديات غالبًا ما تكون مجزأة وغير فعالة بسبب تجاهلها لتشابك القضايا. وقالت البروفيسورة باولا هاريسون، الرئيسة المشاركة للتقرير: “يجب أن ننتقل من اتخاذ القرارات في عزلة إلى إدارة أكثر تكاملًا وتحقيق تغييرات جوهرية”.

وأشار التقرير إلى أمثلة ناجحة، منها مشروع في السنغال استهدف خفض التلوث المائي وإزالة النباتات الغازية لتحسين البيئة المحلية وتقليل انتشار مرض البلهارسيا، ما أدى إلى خفض الإصابات بنسبة 32% وتحسين الدخل المحلي.

يؤكد التقرير أن التنوع البيولوجي يشهد تراجعًا على جميع المستويات بسبب الأنشطة البشرية، مما يؤثر بشكل مباشر على الأمن الغذائي وجودة المياه والصحة والقدرة على مواجهة تغير المناخ. ويضيف أن العوامل غير المباشرة مثل الاستهلاك المفرط والنمو السكاني تسهم في تفاقم هذه المشكلات.

كما يسلط التقرير الضوء على أن نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي، الذي يتجاوز 50 تريليون دولار سنويًا، يعتمد بشكل كبير على الطبيعة. ومع ذلك، تركز القرارات الاقتصادية الحالية على العوائد المالية قصيرة الأجل، متجاهلة التكاليف البيئية، ما يؤدي إلى خسائر تصل إلى 25 تريليون دولار سنويًا.

ويرى التقرير أن القرارات الأكثر شمولية وعدالة، التي تأخذ في الاعتبار المجتمعات المحلية والشعوب الأصلية، يمكن أن تعزز من فعالية الحلول المطروحة. ويوصي بتطبيق استجابات مثل استعادة النظم الإيكولوجية، وتعزيز الإدارة المتكاملة للمناطق الحضرية، ودعم النظم الغذائية المستدامة، مما يحقق منافع واسعة النطاق لعناصر النكسوس كافة.

التقرير، الذي يمثل إنجازاً علمياً غير مسبوق، يؤكد أن فقدان التنوع البيولوجي، وأزمات المياه والغذاء، وتدهور الصحة العامة، وتغير المناخ ليست أزمات منفصلة، بل هي متشابكة تؤثر وتتأثر ببعضها البعض.

يُعتبر التقرير دعوة عاجلة للحكومات وصناع القرار للعمل بتنسيق وتكامل لمواجهة التحديات العالمية. وكما قال د. ديفيد أوبورا، رئيس المنصة: “التقرير يقدم خارطة طريق واضحة لتحقيق مستقبل أكثر استدامة وإنصافًا، مستندًا إلى حلول شاملة وعلمية.”

أرقام صادمة وتحديات كبرى

•2-6%: معدل فقدان التنوع البيولوجي سنوياً خلال العقود الخمسة الأخيرة.

•50%: نسبة السكان الذين يعيشون في مناطق تتأثر بشكل مباشر بتدهور التنوع البيولوجي والأمن الغذائي والمائي، وارتفاع مخاطر الصحة العامة.

•58 تريليون دولار: القيمة الاقتصادية السنوية للأنشطة التي تعتمد بشكل كبير على الطبيعة (أي أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي).

•1.7 تريليون دولار: الدعم الحكومي السنوي الذي يُحفز الممارسات الضارة بالتنوع البيولوجي.

•4 تريليونات دولار: الفجوة السنوية المقدرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

الترابط بين القضايا البيئية والاقتصادية

يشير التقرير إلى أن إنتاج الغذاء العالمي، على الرغم من تحسينه معدلات التغذية، قد ساهم في تدهور التنوع البيولوجي وزيادة استهلاك المياه بشكل غير مستدام، ما أدى إلى خسائر اقتصادية وصحية هائلة. كما أن استغلال الموارد البحرية بشكل مفرط وتلوث المياه يهدد حياة الملايين الذين يعتمدون على هذه الموارد، خاصة في المناطق الريفية والبلدان النامية.

الصحة والمناخ: وجهان لأزمة واحدة

يرتبط فقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ بتدهور الصحة العامة. فعلى سبيل المثال، ساهمت الممارسات الزراعية غير المستدامة في زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الأمراض المرتبطة بالتلوث والحرارة. كما كشف التقرير عن أن 50% من الأمراض المعدية الناشئة مرتبطة بتغير استخدام الأراضي واقتراب الأنشطة البشرية من المواطن الطبيعية.

الحلول الممكنة

التقرير يقدم حلولاً شاملة، منها:

1.تعزيز التمويل المستدام: سد الفجوات المالية الضخمة لتحقيق أهداف التنوع البيولوجي وأهداف التنمية المستدامة.

2.الاعتماد على المعارف المحلية والشعوب الأصلية: مثال ذلك تخفيض معدلات إزالة الغابات في الأمازون بعد منح حقوق الأراضي للسكان الأصليين.

3.التوسع في الحلول الطبيعية: مثل زيادة المساحات الخضراء في المدن لتحسين جودة الهواء والحد من تأثيرات التغير المناخي.

4.التكامل في السياسات: تبني استراتيجيات شاملة تراعي الترابط بين قضايا المياه والغذاء والصحة والمناخ.

تعليقات شركاء IPBES

أكدت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنغر أندرسن، أن فقدان التنوع البيولوجي وأزمات المناخ والغذاء هي قضايا متداخلة، وأن التقرير يمثل أداة هامة لدعم الحكومات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما شدد مدير عام منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، شو دونغ يو، على ضرورة تبني نظم غذائية مستدامة توازن بين الإنتاج وحماية البيئة.

التقرير يقدم خارطة طريق لدعم صناع القرار في مواجهة التحديات البيئية المتزايدة، ويوفر فرصة تاريخية لتبني حلول متكاملة تحقق التوازن بين رفاهية الإنسان وحماية الكوكب.

نقلا عن موقع :https://yemenscience.net/